سفارش تبلیغ
صبا ویژن

92/3/18
2:25 عصر

التکفیریون خطر على المسلمین

بدست الهادی در دسته سوریة

الشیخ حمود: التکفیریون خطر على المسلمین، وحزب الله اختار الأقل سوءا فی القصیر


مروة حیدر

یحدثنا إمام مسجد القدس فی صیدا بثقة بالغة عن قناعاته، یعتبر أنَّ ما تشهده المنطقة من احداث فتنة، لکن رغم ذلک یؤکد أنه لیس من الصعب أن یتخذ المرء المواقف المناسبة التی توافق مصلحة الأمة.

فی مقابلة خاصة مع موقع المنار بعد أیام قلیلة على محاولة اغتیاله، رجَّح الشیخ حمود أن یکون منفذو الهجوم فجر الإثنین الماضی ینتمون إلى الخط التکفیری، مفصلا فی الحدیث عن الخطر الذی یشکله هذا الخط على الإسلام والمسلمین جمیعا، لأنه یستسهل إراقة دماء المسلم لأخیه المسلم.

کما أکد الشیخ حمود أنَّ حزب الله ومن خلال مشارکته فی القتال فی القصیر ، اختار ما هو أقل سوءا من السیناریوهات التی کان یخطط لها أعداء هذه الأمة، معبرا عن ثقة بالغة فی قرارات المقاومة ، وحرصها الشدید على عدم إشعال الفتنة المذهبیة أو حتى المساهمة فی ذلک.

وفی سیاق آخر، عرض لوجهة نظره حول ما یجری فی سوریا، مشددا على أنه رغم وجود أخطاء عند النظام فی دمشق ، إلا أن ذلک لا یؤدی إلى حد الاستعانة بالأجنبی من أجل إسقاط هذا النظام.

بالإضافة إلى ذلک تحدث إمام مسجد القدس عن أداء بعض الحرکات الإسلامیة فی العالم العربی، متناولا مواضیع أخرى کالعلاقة مع الجمهوریة الإسلامیة فی إیران وحرکة حماس.


محاولة الاغتیال
حول إذا ما کان هناک من معطیات جدیدة حول عملیة الاغتیال التی تعرض لها قبل أیام ، ردَّ إمام مسجد القدس بالإیجاب ، ولکن لم یخض فی هذه المسألة معللا ذلک بالحفاظ على سریة وسلامة التحقیق. واکتفى بالقول: "أتصور أیام قلیلة ، ویظهر کل شیء."

أما عن الجهة التی ینتمی إلیها منفذو الاعتداء ، جزم بأنها لم تُعرف بعد، مرجحا أن یکونوا من الذین ینتمون إلى الخط التکفیری. "أتصور أن الخط التکفیری هو الخط العام الذی ینتمی إلیه المهاجمون".


معرکة القصیر أقل فداحة من سیناریوهات أخرى
عبَّر الشیخ حمود عن ثقة کبیرة بحکمة القرارات التی یتخذها حزب الله ، مؤکدا أنه مقتنع "بکل ما للکلمة من معنى بالمعطیات الاستراتیجیة" التی جعلت الحزب یدخل فی معرکة القصیر.

"لم نتعود أن حزب الله یتخذ قرارا بهذا الحجم ، وهو یعلم تداعیاته المذهبیة وما إلى ذلک، إلا ویکون قد أُشبع بحثا من کل النواحی".

وقال الشیخ حمود: "نحن نعلم تماما ، والکل یعلم أن هذا الموضوع (معرکة القصیر) سوف یتم تفسیره تفسیرا مذهبیا وفئویا، لکن حزب الله حریص دائما على عدم إشعال الفتنة المذهبیة أو المساهمة فی إشعالها."

ثم أسهب الشیخ حمود فی إعطاء الأمثلة" التی توضح أن حزب الله حریص جدا على عدم إعطاء ذرائع فی الموضوع المذهبی ، لأنه هو من یصیبه الضرر".

وعن الأسباب التی جعلت الحزب یشارک فی القتال فی القصیر، شدَّد الشیخ حمود على أن حزب الله اختار الأقل سوءا، معتبرا أنه درس الأرباح والخسائر لهذه المعرکة دراسة مشبعة.

"إذا کانت هذه المعرکة فی منطقة القصیر ستؤدی یقینا، ولیس احتمالا، إلى انقطاع خط إمداد رئیسی للمقاومة، ووصول تکفیریین یستبیحون دماء المقاومین لمجرد انتمائهم المذهبی أو الحزبی، وتجاوز کل المبادئ الفقهیة فی موضوع القتل والنهب والاعتداء... فلقد تمت دراسة الخسائر والأرباح والمخاوف والاحتمالات."

واعتبر أن حزب الله قرر المشارکة فی القتال فی القصیر "عندما رأى أنه إذا ما تم ترک هؤلاء یعیثون فی المنطقة ، ویقتلون على کیفهم، فسیکون هناک نتائج أشد فداحة وبشاعة من نتیجة الدعایة التی ستستغل لتفسیر الدخول فی هذه المعرکة تفسیرا مذهبیا".

کما أکد أن الحزب "یعلم تمام النتائج التی یمکن أن تأتی عن المشارکة، لکن بین کارثة وکوارث ، أو بین السیء والأسوء ، اختار حزب الله الأقل سوءا".


"السید نصرالله بعقله الراجح یفهم کلامی"
عن تصریحاته الأخیرة بأن خطاب السید نصر الله الأخیر فی ذکرى عید المقاومة والتحریر "لم یکن موفقا"، تساءل الشیخ الصیداوی عن عدد الخطابات التی ألقاها السید نصر الله منذ انتخابه أمینا عاما للحزب عام 1992. ثم قال ممازحا: "هناک مئات الخطابات لسماحة السید... ألا یحق لی أن أتحفظ على ثلاثة أو أربعة خطابات له"؟!!

وعن السبب الذی دعاه للتحفظ على خطاب السید نصر الله الأخیر قال الشیخ حمود: "ان سماحة السید فی موقع المراقب الذی یجلس فی أعلى برج مراقبة، ومعه مناظیر فائقة الدقة، کما تصله معلومات لا تصل إلى الملوک والرؤساء. وعندما یأخذ قرارا یعرف ماذا یفعل، طبعا بالإضافة إلى ثقتنا بصدقه فهذا موضوع مسلم به، لکن الجمهور الذی یستمع إلیه لا یعلم ماذا یعلم. فإما أن یخبره بما عنده وهذا مستحیل، وإما أن ینزل إلى مستواه بقدر ما عنده من معلومات فیخاطبه".

وأضاف الشیخ حمود قائلا: " الذی یسمع السید من أحبائه، ونحن منهم، سیأخذ بکلامه حتى من دون ان یعرف المعطیات (الأسباب والموجبات). أما الذی لا یحبه ویصدق وسائل الإعلام المغرضة وعلماء الفتنة وأصحاب السوء، فإن هذه المعلومات ستدخل إلى ذهنه من خلال فلتر أو مصفاة. وهذه المصفاة ستبرز کل ما تریده وسائل الإعلام وخاصة الکلام الذی یخدم الشعور المذهبی".

ولفت الشیخ حمود إلى أنه بعد إعلانه عن رأیه  حول خطاب السید نصر الله فی 25 أیار الماضی، صار هناک تواصل بین الشیخ والأمین العام لحزب الله الذی عبَّر عن تفهمه لکل ما قاله الشیخ حمود.

"أنا وجهت رسالة، واستمعت إلى ردود السید نصر الله الذی قال فیها انه یوافقنی على جزء لا بأس من تحفظاتی".

وفی هذا السیاق رفض الشیخ حمود الخوض فی التفاصیل مکتفیا بالقول: "السید نصر الله بصدره الرحب ، وعقله الراجح یفهم کل کلمة حتى لو لم یوافقنی".


"الخطر التکفیری یطال کل المسلمین"
وعن وجود المقاتلین التکفیریین فی سوریا، شدَّد الشیخ حمود على انهم خطر على الإسلام والمسلمین جمعیا، ممیزا بین المسلمین الذین لدیهم توجه سلفی ، وبین التکفیریین الذین یستبیحون دماء إخوانهم المسلمین.

شبَّه إمام مسجد القدس التکفیریین بالخوارج الذین "خرجوا على الإمام علی (ع) بعد التحکیم، وکفروه وقتلوه بزعم أنهم یصلحون الدین". واستشهد بتوصیف رسول الله (ص) لهم قبل ظهورهم، فقال ان الخوارج قوم "مرقوا من الدین کما یمرق السهم من الرمیة، لأنهم کفروا من اختلف عنهم".

ثم میزهم عن الخوارج بأن لهم جذورا فقهیة تختلف عنهم،  ومع أنه اعتبر أن جذورهم غالبا ما تکون سلفیة ، رفض الشیخ حمود الخلط بین من له توجه سلفی ومن یکفر أخاه المسلم.

"إنهم (السلفیون والتکفیریون) لیسوا جهة واحدة أبدا، فهناک سلفیون أقحاح یمدون المقاومة وحلفاءها فی لبنان بالمال ،ویتعاونون مع حزب الله. بالعکس بعضهم عاقل ، ویقبل الحوار، ویفتحه مع من یختلف عنه فی التوجهات الفکریة"، أضاف الشیخ حمود.

واعتبر الشیخ حمود أنَّ خطر هؤلاء التکفیریین یطال المسلمین جمیعا دون استثناء ، ولفت إلى أن خطرهم یمکن أن یکون أکبر على شخصیات معتدلة داخل الطائفة السنیة منه على شخصیات فی الطائفة الشیعیة.


الاستعانة بالأجنبی مرفوضة
حین تطرقنا إلى الموضوع السوری، سارع الشیخ ماهر حمود إلى اعتبار ما یحدث فی بلاد الشام فتنة، لکنه شدد على أنه رغم "تداخل الحق بالباطل"، لیس من الصعب على الإنسان أن یأخذ الخیار الصحیح والموقف المناسب.

"بعض المعترضین على النظام السوری لهم الحق فی ذلک... لکن من اتکأ على هذه الأخطاء لیذهب إلى أمیرکا ویستجلب العون الإسرائیلی لإسقاط النظام ، لم یعد معذورا بل أصبح متآمرا".

وأضاف: "کذلک النظام له الحق باعتبار أن ما یحصل فی سوریا هو مؤامرة، لکن خلال تعامله مع المظاهرات فی المرحلة الأولى من الأزمة السوریة حصلت أخطاء. حتى الرئیس بشار الأسد اعترف بهذه الأخطاء، وأنا متأکد أنه لا یقبلها".

وتابع بالقول: "لکن فی نفس الوقت تخیلوا لو سقط النظام فی سوریا واستلم التکفیریون أو الأمیرکیون أو المتأمرکون، کیف یکون وضع لبنان والمقاومة؟ أتصور أنه سیکون کارثیا. الشرع یقول ان درء المفاسد أولى من جلب المصالح، وهناک مفسدة کبیرة ستحصل إذا ما تم اسقاط النظام بالطریقة التی یخططون لإسقاطه فیها.

وعما ستؤول إلیه الأمور على الأرض، اعتبر الشیخ حمود أن القرار فی واشنطن وتل أبیب، "فإذا اقتنعت أمیرکا بالضبط والحلول السیاسیة ،أتصور أن الامور ستحل بسرعة، لکننی أعتقد أن القرار المرحلی الآن هو تدمیر سوریا ولیس إسقاط النظام".

"وحتى یتحقق هذا الهدف، فإنهم (أمیرکا وحلفاؤها) سوف یظلون یمدون المعارضة بالسلاح بشکل لا یسقط النظام، ولا تسیطر المعارضة".


"الإخوان المسلمون لم یحسنوا تطبیق فکر الإمام البنّا"
أما فیما یتعلق بسلوک الحرکات الإسلامیة بعد استلامها للحکم فی مصر وتونس، اعتبر الشیخ حمود أن حرکة الإخوان المسلمین لم تکن یوما موفقة بالخیار السیاسی.

ولفت إلى أنه شخصیا لا یزال یعتبر نفسه منتمیاً إلى الفکر الذی وضعه الإمام حسن البنا، مؤسس حرکة الإخوان المسلمین، مؤکدا على أن الحرکة لم تحسن نقل أفکار الإمام البنا إلى التطبیق السیاسی، باستثناء حرکة حماس التی لها وضع خاص ، وقامت بدور عظیم فی الصراع مع العدو الإسرائیلی... فیما عدا ذلک الأخوان فی مصر وسوریا ولبنان لم یکونوا یوما موفقین بالخیار السیاسی, بشکل عام هم لا یملکون الرؤیة السیاسیة الواضحة، ودائما هناک تشویش. وهذا له أسبابه البعیدة والقریبة"

بالنسبة للأسباب القریبة، اعتبر الشیخ حمود أنَّ وجودهم سنوات طویلة فی سجون الأنظمة العربیة منعهم من امتلاک رؤیة واضحة. أما الأسباب البعیدة فحصرها بأن الخطر الأمیرکی لم یکن فی ذلک الوقت (الخمسینیات من القرن الماضی) ظاهرا، "لکن کانوا وقتها یشعرون بخطر الإلحاد".

کما أشار الشیخ حمود فی هذا السیاق إلى الدور الذی یلعبه الإخوان المسلمون فی الخلیج من خلال السقوف التی یرسمونها للإخوان فی باقی الدول کونهم یمولونهم.

"لو کان الإخوان المسلمون مخلصین للأفکار التی درّسوها ودرّسناها سویا ، لکان یفترض بهم أن یکونوا مثلی تماما فی الموقف السیاسی".

وفی هذا الموضوع ختم الشیخ حمود بالقول: "إذا وصل الاجتهاد السیاسی إلى حد الاستعانة بأمیرکا من أجل تغییر النظام فی سوریا  أو الوصول إلى السلطة فی مصر، فإن هذا الموقف لا یعبر عن فکر الإخوان ولا عن ثقافتهم ، ولیس له أی سند شرعی یستحق القراءة".


"المشروع الإیرانی لا یرى أقل من القدس هدفا"
أما فیما یخص العلاقة بالجمهوریة الإسلامیة فی إیران، اعتبر الشیخ حمود أن "إیران قامت بأعمال جلیة فی سبیل تقریب السنة  إلیها، کما صبرت على قلة الوفاء ، إذا جاز التعبیر مع احترامنا للمخالفین".

"تصرفات الإیرانیین تدل على أنهم أصحاب مشروع ضخم لا یرى أقل من القدس هدفا، فهم یستهینون فی سبیل الوصول إلى فلسطین بکل المصاعب ،ومستعدوت لاجتیاز المصاعب ، ورکوب الموت من أجل هذا الهدف".

وتابع الشیخ حمود بالقول: "للأسف الساحة السنیة لم تتجاوب مع الجهود الإیرانیة، لأن هناک حاجات سیاسیة واقتصادیة، وأحیانا دینیة، تجعل الحرکات السنیة خاضعة للمقاییس السعودیة والخلیجیة بشکل عام".


العلاقة مع حماس
وعن العلاقة مع حرکة حماس، قال الشیخ حمود ان العلاقة قائمة مع المسؤولین المحلیین، مشیرا إلى أنه یوصل للحرکة الانتقادات والملاحظات على سلوکها.

ولفت الشیخ حمود إلى أن حماس لیست واحدة، "لکن نحییهم لأنهم یستطیعون إخفاء خلافاتهم الداخلیة فلا تظهر على السطح أبدا".

وفی هذا السیاق أکد إمام مسجد القدس أن الموقف لدى الجهة الممسکة بالمقاومة فی الحرکة متمسک بخیار المقاومة وبالعلاقة مع سوریا.

المنار