|
محمد صادق الحسینی
 الکشف عن أسلحة «إسرائیلیة» فی جعبة تکفیریّی «داعش» فی منطقة العظیم العراقیة وهم یلوذون بالفرار على عجلة من أمرهم، ومقتل ضباط ینتمون الى دولة خلیجیة أساسیّة فی سامراء أثناء محاولة الهجوم على مرقد الإمامین العسکریین، ودعوة رئیس وزراء ما یُسمّى إقلیم کردستان العراق نیتشروان بارزانی الى منح السنّة العرب إقلیماً مستقلاًّ على شاکلة إقلیم کردستان… یُسقط آخر ورقة توت یمکن الذین یُسمّون أنفسهم بـ«طلائع الانتفاضة العراقیة» أن یتستّروا بها بعد الیوم ویفضح حقیقة اصطفافهم الإقلیمی والدولی!
الآن افتضح أمرهم ولم یبق أمامهم سوى الإذعان لکونهم أجراء صغاراً لدى الدوائر والسفارات والقناصل الأجنبیة لتنفیذ خطة برنارد لویس لتقسیم الوطن العربی الکبیر وتمزیقه وتجزئته.
المکابرة والعناد ما عادا ینفعان أحداً، أیّ أحد، بمن فیهم من یدّعی الوسطیة، سواء من یقف على مقربة من معسکرنا أو من یقف على مقربة من معسکرهم ویدّعی الوسطیّة!
إنها معرکة الأحزاب الکبرى بقیادة «تل أبیب» وواشنطن. فجّروها فی الموصل فی وجه جبهة المقاومة، وبخاصة ضدّ إیران، انطلاقاً من الموصل، بعد فشلهم الذریع فی الاستحقاقین الانتخابیین، العراقی ومن ثم السوری، ووصولهم إلى قناعة نهائیة بأنّ «فتح» دمشق ومن ثم بیروت وتالیاً طهران بات مستحیلاً.
استناداً إلى ذلک، الهدف الأساسی من السیناریو الجدی إنّما یهدف الى «تشلیح» إیران ما یُسمّونه أوراقها الرابحة، الواحدة بعد الأخرى، انطلاقاً من «أمر واقع» جدید یریدون فرضه على أرض العراق، وهذا یعنی مقاتلة طهران عملیاً فی میادین العراق، فیما یوظفون ذلک فی السیاسة ابتزازاً لها فی جنیف وفیینا و… وهکذا یکون الکرد البارزانیون قد ارتضوا، ویا للأسف الشدید، لأنفسهم أن یکونوا أداة فی ید «الإسرائیلیین» من جدید، مثلما فعلوا فی التاریخ القدیم المعروف. فیما ارتضى البعث الصدّامی التحوّل إلى أداة أصغر فأصغر فی خدمة مخطط برنارد لویس القاضی بتجزئة المجزّأ فی الوطن العربی کلّه، والعراق نموذج حیّ الیوم. والحجة لدى هذه القیادة البائسة استعادة حقوق السنّة الضائعة!
أما بعض القادة العسکرییین والإدارییین من صغار النفوس الذین لعبوا دور تسهیل مهمة العملاء والأجراء الکبار، فقد استطعموا لذة البترودولار والدنیا الدنیّة، متحوّلین بذلک إلى حصان طروادة للمخطط الأجنبی المقیت.
أما سائر القوى المحلیة ممّن أطلقوا على أنفسهم اسم «جیش النقشبندیة» وغیرهم و«الدواعش» التافهین، فلن یکونوا سوى حطب فی هذه المعرکة العدوانیة على عراقنا الحبیب لا أکثر ولا أقلّ.
یبقى أنّ ثمة مصلحة مشترکة أکبر یبدو أنها جمعت رغبات کلّ من السعودیین والأتراک والقطریین لوقف ما یُسمّونه بـ«الزحف الإیرانی الصفوی» على «سنّة العالم العربی»، فیما السنّة والعرب الحقیقیون منهم البتة براء.
الخطة کما فهمت من دوائرهم وأروقتهم الداخلیة تقتضی أن یأخذ الأکراد کرکوک التی یُسمّونها بـ«قدس الأقداس» وعاصمة إقلیمهم الحقیقیة وهذا ما حصل فعلیاً. فیما تقرّر أن یسیطر باقی تحالف الأحزاب على نینوى وصلاح الدین والأنبار، على أن یحوّلوا محافظة دیالى الى خطوط تماس مع محور المقاومة على تخوم بغداد. ومن ثم تبدأ المعرکة السیاسیة الکبرى على:
- النووی الإیرانی الذی هزموا فیه حتى الآن، ولم تبدأ بعد الابتزازات الصهیونیة والأمیرکیة الأساسیة والحقیقیة مثلما کان یرغب مؤتمر هرتسیلیا وجماعة الأنکلو ساکسون مترصّدی إیران من وراء ستار، والتی تشترط فی ما تشترط التخلی عن حزب الله والدرع الصاروخیة الایرانیة.
- مستقبل الجمهوریة اللبنانیة التی تحوّلت فی رأیهم وبشکل نهائی إلى جمهوریة مقاومة ترسم معالمها ورقة تفاهم عون – نصر الله.
- مستقبل الحکم فی العراق الذی یعتقدون أنه انتقل بشکل شبه نهائی الى جمهوریة مقاومة أخرى تضاف إلى المحور السوری ـ الإیرانی المشهور، بل تکاد تتحوّل الى ضلع رباعی فی المشهد الدمشقی المعروف الذی رسمت معالمه صورة الزعماء والرؤساء الثلاثة فی قصر الشعب السوری، الرئیسان بشار حافظ الأسد ومحمود أحمدی نجاد والسید حسن نصر الله.
هذا مخططهم الذی على أساسه فتحوا معرکة العراق انطلاقاً من غزوة أحزاب الموصل.
فی المقابل، یقف محور المقاومة والمواجهة لهم بالمرصاد ویقرّر تشکیل جبهة رباعیة فی إطار هیئة أرکان شعبیة حکومیة مشترکة مصممة على:
- هزیمتهم فی النووی الإیرانی وعدم التفریط بأیّ إنجاز فیه، کما لن یسمح لأحد بالاقتراب من الترسانة الصاروخیة الإیرانیة مهما تکن الإغراءات أو التهدیدات أو الضغوط .
- الجمهوریة اللبنانیة لن یحکمها إلاّ رئیس مقاوم أو داعم للمقاومة، ولن یُسمح لأحد بالمساس بسلاح المقاومة، ولن یتخلى عنها أیّ من حلفائها الداخلیین أو العرب أو المسلمین ولو بلغ ما بلغ.
أما مستقبل العراق فلن یکون إلاّ ما أراد له أهله عراقاً مستقلاً سیداً ومقاوماً لأیّ خطة انقیاد أو تبعیة، موحّداً ومتحداً فی وجه کلّ من یرید إخراجه من خیاره الاستراتیجی الذی اتخذه منذ إخراج الاحتلال الأمیرکی منه.
من لا یصدّق هذا، أو لا یزال مکابراً وطاناً نفسه قادراً على هزیمتنا، فلیرکز نظره على نابلس والخلیل وینتظر ویترقّب المزید من المفاجآت التی قد تجعلنا على تماس أشدّ من المنازلة الکبرى.
المنار
|
